فصل: تفسير الآية رقم (2):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (27):

{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)}
{آثَارِهِم} {آتَيْنَاهُ} {كَتَبْنَاهَا} {رِضْوَانِ} {فَآتَيْنَا} {آمَنُواْ} {فَاسِقُونَ}
(27)- وَبَعْدَ إِبْرَاهِيمَ أَرْسَلَ اللهُ تَعَالى رُسُلاً كَثِيرِينَ، وَكَانَ آخِرَهُمْ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الإِنِجِيلَ، وَفِيهِ شَرْعُ اللهِ وَوَصَايَاهُ، وَقَدْ جَاءَ عِيسَى مُكَمِّلاً لِلتَّوْرَاةِ، وَمُخْفِّفاً بَعْضَ أَحْكَامِهَا التِي شُرِعَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، بِسَبَبِ نَقْضِهِمْ العَهْدَ وَالمِيثَاق، وَجَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِ النَّصَارَى أَتْبَاعِ عِيسَى، الذِينَ سَارُوا عَلَى نَهْجِهِ، رَأْفَةً وَرَحْمَةً فِي التَّعَامُلِ، فِيمَا بَيْنَهُمْ، وابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً لَمْ يَفْرِضْهَا اللهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا فَرَضُوها عَلَى أَنْفِسِهِمْ طَلَباً لِرِضْوَانِ اللهِ وَمَرْضَاتِهِ، فَانْقَطَعُوا عَن الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا، وَلَكِنَّ الكَثِيرِينَ مِنْهُمْ لَمْ يُحَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الرَّهْبَانِيَّةِ المُبْتَدَعَةِ، وَلَمْ يَقُومُوا بِهَا، فَأَعْطَى اللهُ المُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ مِنْهُمْ أَجْراً عَظِيماً، ثَوَاباً لَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَكِنَّ الكَثِيرِينَ مِنْهُمْ فَسَقُوا وَخَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ اللهِ، واجْتَرَح السَّيِّئَاتِ، وارْتَكَبُوا المُنْكَرَاتِ، وَسَيُعَاقِبُهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى فِسْقِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ.
قَفَّينَا عَلَى آثارِهِمْ- أَتْبَعْنَاهُمْ وَبَعَثْنَاهُمْ.
الذِينَ اتَّبَعُوهُ- مَوَدَّةً وَلِيناً وَشَفَقَةً.
رَهْبَانِيَّةً- مُغَالاةً فِي التَّعْبُّدِ والتَّقَشُّفِ.
مَا كَتَبْنَاهَا- لَمْ نَفْرِضْهَا عَلَيْهِمْ.

.تفسير الآية رقم (28):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {آمِنُواْ}
(28)- يَحُثُّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، مِنَ اليَهُودِ والنَّصَارَى، عَلَى تَقْوى اللهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالإِيْمَانِ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَعِدُهُمْ إِنْ هُمْ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ، وَاتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا العَمَلَ بِأنَّهُ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أَجْرَهُمْ ضِعْفَيْنِ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى إِيْمَانِهِمْ بِنَبِّيهِمْ وَبِالأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ قَبْلَهُ، وَأَجْراً آخَرَ لإِيْمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُ سَيَجْعَلُ لَهُمْ هُدى وَنُوراً يَمْشُونَ بِهِ فَيُجِنِّبُهُمْ العَمَى وَالضَّلالَةَ، وَأَنَّهُ سَوْفَ يَغْفِرُ لَهُمْ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَيُعْلِمُهُمْ بِأَنَّ اللهَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ لِمَنْ شَاءَ، رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، يَقْبَلُ إِنْ أَحْسَنُوا التَّوْبَةَ إِلَيهِ.
(وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ حِينَمَا فَخَرَ مُؤْمِنُوا أَهْلِ الكِتَابِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتِ الآيَةُ {أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ} فَجَعَلَ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَجْرَينِ وَزَادَهُمْ نُوراً).
وَفِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ:
- رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيَّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ.
- وَعَبَدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ.
- وَرَجُلٌ أَدَّبَ أَمَتَهُ فَأَحْسَنَ تَأَدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ»
. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

.تفسير الآية رقم (29):

{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}
{الكتاب}
(29)- وَقَدْ فَعَلَ اللهُ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَنَّهُمْ لا يَنَالُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ مِنَ الأجْرَينِ شَيئاً، كَثِيرُ العَطَاءِ، يَمْنَحُ فَضْلَهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَلا يَخُصُّ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ.
لِئَلا يَعْلَمَ- لِيَعْلَمَ.

.سورة المجادلة:

.تفسير الآية رقم (1):

{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)}
{تُجَادِلُكَ}
(1)- هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَزَوْجِها أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَكَانَ أَوْسٌ قَدْ كَبرَ، وَسَاءَ خُلُقُهُ، فَدَخَلَ عَلَى زَوْجِهِ يَوْماً فَرَاجَعَتْهُ فِي شَيءٍ فَغَضِبَ، وَقَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلِيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِذَا قَالَ هَذَا القَوْلَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجُهُ أَبَداً.
ثُمَّ أَرَادَ أَوْسٌ مُرَاجَعَةَ زَوْجَتِهِ فَأَبَت، وَقَالَتْ: وَاللهِ لا تَمسُّنِي حَتَّى يَحْكُمْ اللهُ وَرَسُول، وَذَهَبَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَقُصُّ عَلَيهِ قِصَّتَهَا، وَتَشْتَكِي إِليهِ أَنَّها إِذَا فَارَقَتْهُ، وَضَمَّتْ أَوْلادَهَا إِليهَا جَاعُوا، لأَنَّهَا لا مَالَ لَهَا، وَإِنْ تَرَكَتْهُمْ لأَبِيهِمْ ضَاعُوا. ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَأَخَذَتْ تَبُثُّ شَكْوَاهَا إِلَى اللهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَاتِ. (وَتُعْرَفُ بِآيَاتِ الظِّهَارِ).
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ سَمِعَ شَكْوَى المَرْأَةِ التِي جَاءَتْ تُرَاجِعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ زَوْجِهَا، وَتَبُتُّ شَكْوَاهَا إِلَى رَبِّهَا، وَهُوَ تَعَالَى يَسْمَعُ كُلَّ مَا تَتَرَاجَعَانِ بِهِ مِنَ الكَلامِ، وَهُوَ مُحِيطٌ سَمْعُهُ بِكُلِّ مَا يُسْمَعُ، وَمُحِيطٌ بَصَرُهُ بِكُلِّ مَا يُبْصَرُ.
تُجَادِلُكَ- تُحَاوِرُكَ وَتُرَاجِعُكَ الكَلامَ.
تَحَاوُرَكُمَا- مُرَاجِعَتَكُمَا القَوْلَ.

.تفسير الآية رقم (2):

{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)}
{يُظَاهِرُونَ} {نِّسَآئِهِمْ} {أُمَّهَاتِهِمْ} {اللائي}
(2)- الذِينَ يَقَعُ مِنْهُم الظِّهَارُ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ لامْرَأَتِهِ: (أَنْتِ عَليَّ كَظَهْرِ أُمِّي)، وَهُوَ يُريدُ بِذَلِكَ تَحْرِيمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا تَحْرُمُ الأُمُّ عَلَى ابْنِهَا، هُمْ مُخْطِئونَ فِيمَا يَصْنَعُونَ، فَزَوْجَةُ المَرءِ لَيْسَتْ أُمَّهُ، لأَنَّ أُمَّهُ هِيَ التِي وَلَدَتْهُ دُونَ غَيِرِهَا مِنَ النِّسَاءِ، فَلا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبِّهَ المَرْءُ أُمَّهُ بِغَيِرِهَا مِنَ النِّسَاءِ. وَهَؤُلاءِ الذِينَ يَقُولُونَ هَذَا القَوْلَ، وَيُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِم، يَقُولُونَ قَوْلاً نُكراً لا يُجِيزُهُ الشَّرْعُ وَيَقُولُونَ كَذِباً وَزُوراً وَبَاطِلاً، لأَنَّ رَابِطَةَ الزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا هِيَ رَابِطَةٌ وَاسِعَةٌ خَاصَّةٌ، لَيْسَ مِثْلَهَا رَابِطَةُ الأُمِّ بِابْنِهَا، لأنَّهَا رَابَطةٌ تَقُومُ عَلَى الاحْتِرَامِ وَالإِجْلالِ.
وَاللهُ كَثِيرُ العَفْوِ وَالغُفْرَانِ لِذُنُوبِ مِنْ تَابَ إِلَيهِ مِمَا قَالَ، وَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ تَائِباً مُنِيبا.
يُظَاهِرُونَ- يُحَرِّمُونَ نِسَاءَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَمَا تَحْرُمُ الأُمُّ عَلَى الوَلَدِ.
مُنْكَراً مِنَ القَوْلِ- قَوْلاً مُنْكَراً يُنْكِرُهُ الشَّرْعُ وَالعَقْلُ.
زُوراً- كَذِباً وَبَاطِلاً مُنْحَرِفاً عَنِ الحَقِّ.

.تفسير الآية رقم (3):

{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3)}
{يُظَاهِرُونَ} {نِّسَآئِهِمْ}
(3)- وَالذِينَ يَقُولُونَ هَذَا القَوْلَ المُنْكَرَ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا، وَيُرِيدُونَ مُوَاقَعَةَ نِسَائِهِمْ، فَعَلَيْهِمْ إِعْتَاقُ رَقَبَةٍ قَبْلَ التَّمَاسِّ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ الإِعْتَاقُ فِي طَوْقِهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ، وَقَدْ شَرَعَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الكَفَّارَةَ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِظَةً لِلْمُتَسَرِّعِينَ، وَرَادِعاً لَهُمْ عَنْ أَنْ يَقَعُوا فِيهِ، وَاللهُ خَبِيرٌ بِأْعْمَالِ العِبَادِ، لا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ.
يَتَمَاسَّا- يَسْتَمْتِعَا بِالوِقَاعِ أَوْ دَوَاعِيهِ.

.تفسير الآية رقم (4):

{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)}
{لِلْكَافِرِينَ}
(4)- فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَشتَرِيَ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ، قَبْلَ التَّمَاسِّ، فَإِنْ أَفْطَرَ يَوْماً وَاحِداً مِنَ الشَّهْرَينِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الإِفْطَارُ لِعُذْرٍ أَوْ سَفَرٍ، لِزَمَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصِّيَامَ مِنْ جَدِيدٍ لِزَوَالِ التَّتَابُعِ.
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ هَذَا الصَّوْمَ، لِكِبَرِ سِنِّهِ، أَوْ لِمَرَضٍ أَصَابَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ صَاعٍ مِنَ الحِنْطَةِ، أَوْ صَاعٌ مِنَ الشَّعِيرِ، قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ التَّمَاسُّ بَيْنَهُمَا؛ وَقَدْ فَرَضَ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنِينَ هَذِهِ الكَفَّارَةَ لِيُقِرُّوا بِوَحْدَانِيَّتِهِ تَعَالَى، وَيُصَدِّقُوا بِرَسُولِهِ، وَيَتَقَيَّدُوا بِحُدُودِ مَا فَرَضَ اللهُ، وَلا يَتَجَاوَزُوهَا، وَلِلْكَافِرِينَ بِفَرَائِضِ اللهِ وَحُدُودِهِ، عَذَابٌ أَلِيمٌ.

.تفسير الآية رقم (5):

{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (5)}
{آيَاتٍ} {بَيِّنَاتٍ} {لِلْكَافِرِينَ}
(5)- إِنَّ الذِينَ يُعَانِدُونَ اللهَ، وَيَخْتَارُونَ لأَنْفُسِهِمْ حُدُوداً غَيْرَ الحُدُودِ التِي شَرَعَهَا اللهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ، سَيَلْحَقُهُمْ الخِزْيُ وَالنِّكَالُ، وَالخِذلانُ فِي الدُّنْيَا، كَمَا لَحِقَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الكُفَّارِ مِنَ الأُمَمِ السَّابِقَةِ. وَكَيْفَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَاتٍ وَاضِحَاتٍ تُبَيِّنُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ، وَتَحدُّ حُدُودَهُ، وَتُفَصِّلُ أَحْكَامَهُ، فَلا عُذْرَ لَهُمْ فِي مُخَالَفَتِهَا، وَالانْحِرَافِ عَنْهَا، وَلِلجَاحِدِينَ بِتِلْكَ الآيَاتِ عَذَابٌ مُهِينٌ يَوْمَ القِيَامَةِ.
يُحَادُّونَ- يُعَادُونَ وَيُشَاقُّونَ وَيُخَالِفُونَ.
كُبِتُوا- نَزَلَ بِهِمْ الهَوَانُ وَالخِزْيُ.

.تفسير الآية رقم (6):

{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)}
{أَحْصَاهُ}
(6)- وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ يَبْعَثُ اللهُ الخَلْقَ جَمِيعاً وَيَجْمَعُهُمْ فِي صَعْيدٍ وَاحِدٍ، فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا عَمِلُوا مِنْ خَيرٍ وَشَرٍّ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ اللهُ تَعَالَى فِي سِجِلِّ أَعْمَالِهِمْ وَهُمْ قَدْ نَسُوهُ، وَاللهُ شَاهِدٌ عَلَى مَا يَعْمَلُونَ، لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ، وَلا يَنْسَى شَيئاً.
أَحْصَاهُ اللهُ- أَحَاطَ بِهِ عِلْماً وَسَجّلَهُ المَلائِكَةُ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ.

.تفسير الآية رقم (7):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)}
{السماوات} {ثَلاثَةٍ} {القيامة} {أَيْنَ مَا}
(7)- وَكَيْفَ لا يَعْلَمُ اللهُ مَا عَمِلَ هَؤُلاءِ، وَهُوَ خَالقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَالِكُهُمَا، وَالمُتَصَرِّفُ فِيهِمَا، وَيَعْلَمُ مَا فِيهِمَا، فَلا يَتَنَاجَى ثَلاثَةٌ إِلا كَانَ مَعَهُمْ يَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، وَيَعْلَمُ مَا يُدَبِّرُونَ، وَلا يَجْتَمِعُ خَمْسَةٌ إِلا وَيَكُونُ اللهُ تَعَالَى سَادِسَهُمْ، وَلا يَجْتَمِعُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ العَدَدِ وَلا أَقَلُّ، وَلا يَتَنَاجَوْنَ إِلا كَانَ مَعَهُمْ يسْمَعُ وَيَرى، وَيُثْبِتُ ذَلِكَ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يُنَبِّئُهُمْ بِنَجْوَاهُمْ وَأَسْرَارِهِمْ، وَاللهُ تَعَالَى عَالمٌ وَلا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِ خَلْقِهِ.
نَجْوَى ثَلاثَةٍ- تَنَاجِيهِمْ وَمسَارَّتُهُمْ.
هُوَ رَابِعُهُمْ- يَعْلَمُهُ لأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى حَدِيثِهِمْ وَمسَارَّتِهِمْ.